الاثنين، 14 نوفمبر 2016

العرب قبل الاسلام

العرب قبل الإسلام مصطلحٌ يُعبِّرُ عن أحوال العرب السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية في شبه الجزيرة العربية والمناطق التي سكنها العربُ قديماً قبل انتشار الإسلام، وتقع هذه المناطق جغرافيّاً ضمن ما يُعرف باسم الصفيحة العربية. لقد تعرض تاريخ العرب قبل الإسلام إلى الإهمال في بداية العصور الإسلاميةلأسبابٍدينيّةٍ[بحاجة لمصدر]، وبدأت الدراسات عن تاريخ العرب القديم وشبه الجزيرة العربية بشكلٍ عامّ في العصر الحديث، تحديداً في القرن التاسع عشر، حيث أبدى المستشرقون اهتماماً كبيراً بدراسةهذاالمجال[بحاجة لمصدر]، فقد تمكنوا من ترجمةِ ونشرِ عددٍ كبيرٍ من النقوش المكتشفة، وكذلك صياغةِ التاريخ بشكل علميّ، معتمدين في ذلك على المصادر الأوليّة القديمة التي أشارت إلى حياة العرب في تلك الأزمنة.

التاريخ الجيولوجي

كانت الجزيرة العربية في الفترات التاريخية القديمة أرضًا شديدة الخصوبة بها أنهار جارية، وتم اكتشاف بقايا حيوانات ضخمة في الجزيرة العربية، ففي غرب الجزيرة العربية، تم اكتشاف بقايا فيلة ضخمة وقطط حادة الأسنان وضباع، وفرس النهر، وزراف وبقر وغزلان وتماسيح والسلاحف وأسماك، وكذلك جذور أشجار متحجرة يصل طول بعضها إلى عشرة أمتار[1]، وفي جنوب الجزيرة العربية تم اكتشاف آثار ديناصورات بعضها لآكلي اللحوم (ألوصور)، والبعض لديناصورات آكلة نباتات، إضافة لاكتشاف بيضة ديناصور في منطقة أرحب اليمنية.[2] وفي غرب الجزيرة العربية، تم اكتشاف عظام ديناصور يصل طوله إلى 12 متر.[3] وبيضة ديناصور في ينبع تعتبر الأكبر من نوعها عالميًا.
العرق السامي

يرجع الاستيطان البشري إلى مليوني سنة، وبحسب النصوص الدينية فإن آدم أبو البشر، وخرجت حوء من ضلعه حواء في جدة[من صاحب هذا الرأي؟]. وتشير الأبحاث إلى أن شعب الجزيرة العربية كان على هيئة جماعات منظمة تحترف الزراعة والرعي والصيد ذلك حتى منتصف العصر الهيليوسيني (9,000-2,500 ق.م)، وشكل ذلك الشعب "العرق السامي" الذي تعرض لدراسات لتحديد معالمه وثقافته، وقد أظهرت الشعوب السامية احتفاظها بالكثير من الخصائص الدينية واللغوية المشتركة، منها مصطلحات متنوعة إدارية كـ"ملك" تدل على أنه كان لهم تنظيم سياسي موحد أو على الأقل تنظيمات منحدرة من أصل سياسي مشترك لا يبعد كثيرًا عن فترات التدوين التاريخي (حوالي 3500 ق.م).[4]، ولكن الإتساع الجغرافي للجزيرة العربية وطبيعة توزع موارد المياه كانت -بعكس مصر مثلا- سببا في صعوبة في الاستمرار الكيان السامي تحت حكومة موحدة. وتقول بعض الدراسات في "علم الوراثة الجينية" أن الجد الأقرب المشترك بين الساميين قد عاش في حوالي (6400) ق.م، وهناك دراسات لإعادة تشكيل الـ"لغة السامية الأم" -وبحسب بعض الدراسات أن اللغة العربية هي أكثر اللغات السامية احتفاظا بخصائص اللغة السامية الأم-. لكن التغيرات المناخية العالمية في أواخر عصر الهيليوسين والتي ظهر أثرها في (4300 ق.م) حيث بدأت الأمطار تقل في الجزيرة العربية وتجف الأنهار سببا في اتجاه سكان الجزيرة العربية تدريجيا إلى الشمال بما عرف بـ"الهجرات السامية" إلى حيث الوفرة المائية من الأنهار كدجلة والفرات ويقول بعض العلماء أن الجزيرة العربية قبل ذلك كانت أكثر إغراء للعيش فيها من العراق أو الشام[5]. حيث يلاحظ العلماء أن فترة نهاية المستوطنات في الجزيرة العربية مثل مستوطنات "ثقافة العبيد" كان مترافقا مع ظهور المستوطنات في بلاد ما بين النهرين، وذلك في أواخر فترات ما قبل التاريخ.
العرب


*  طالع أيضًا: عرب عاربة عرب مستعربة عرب بائدة
وبعد نشوء الهجرات السامية اطلقت كل جماعة منهم اسما تسمت به، أما أول ظهور تاريخي لكلمة "عرب" فقد كان في "معركة قرقر" في سنة (853 ق.م) واطلق هذا الاسم في البداية على سكان شمال الجزيرة العربية وبالذات مقترنا بالقيداريين، ثم توالى ذكر العرب في النصوص التاريخية بعد ذلك بشكل متسارع حتى شملت كلمة "عرب" ليس فقط سكان شمال الجزيرة العربية بل كل سكانها حتى الجنوب، وقد قسم المؤرخون المسلمون أصول العرب إلى ثلاث طبقات: وهم العرب العاربة، العرب المستعربة، والعرب البائدة. تلك التقسيمات بالإضافة إلى تسمية "عدنانيين" و"قحطانيين" لم تكن موجودة قبل الإسلام ولم يعرفها الأدب الجاهلي وإنما وجدت بعد الإسلام في الفترة الأموية حيث أصبح اليمانيون أو "عرب الجنوب" كما يسميهم المستشرقون من جهة وعرب باقي الجزيرة العربية "الشماليون" بحسب المستشرقين من جهة أخرى يتبارون في المفاخر وكل فئه تنسب أصل العروبة لها فاليمانيون يقولون منًا يعرب ونحن أصل العرب والشماليون يقولون نحن فقط بني أسماعيل أبو العرب وأنتم لستم منه، والمعروف أن العرب جميعهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم[بحاجة لمصدر] النبي، وتشير المصادر التاريخية القديمة أن العرب عرفوا باسم "الإسماعيليين"[بحاجة لمصدر] حتى فترات قريبة من الإسلام، وتذكر الكتب السماوية قصة البشارة حيث نجد أن الله قد وعد نبيه إبراهيم الخليل بأن إبنه إسماعيل الابن البكر لأمه هاجر سيكون من أعقابه أمة كبيرة، ويذكر في سيرة الخليل إبراهيم أنهم لما بلغوا بئر سبع بفلسطين صلى على إبنه الأكبر إسماعيل، وأمته من العرب. وقد ورد في القرآن الكريم استجابة الله لإبراهيم عندما دعا ربه قائلا :

 رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ



 .[6]، وجاء في التوراة:(وأما إسماعيل قد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا. إثني عشر رئيسا يلد. واجعله أمة كبيرة)[7]. أما "العرب البائدة" فهم الأقوام القديمة التي لم يبق لها ذكر، بعض الشعوب العربية التي ذكرت في المصادر القديمة ثم اختفت هي: (العماليق، ثمود، القيداريين، مديانيين، دادانيين). وظهر من الجزيرة العربية الهكسوس الذين نزحوا من الشمال واستولوا علي الدلتا بشمال مصر في الألفية الثانية ق.م.
ولم يرد ذكر لإسماعيل في أي كتابة قديمة ولاتوجد دلائل أن العرب قبل الإسلام كانوا يعرفونه. فكلمة "عربي" في كل النصوص القديمة تعني البدوي سواء كان في الجزيرة العربية أو صحراء مصر وهي المكان التي ذكر التوراة أن إسماعيل وأمه المصرية نزلوا بها.
أما اليمنيون فلم يعرفوه البتة وكانوا يعتقدون أنهم أبناء آلهتهم [8]
بلاد العرب

بلاد العرب التاريخية تمتد من الجزيرة العربية جنوبًا حتى تركيا شمالًا، ويحدد بلينوس (القرن الأول الميلادي) حدودها الشمالية بجبال أمانوس (لواء الإسكندرونة الآن)[9] من الجهة اليسرى ومن الجهة اليمنى منطقة الرها في تركيا اليوم والتي تقع في "المنطقة العربية"[10] بحسب المؤرخين اليونان والرومان، هناك أسس العرب مملكة الرها في القرن الثاني للميلاد ووجود الشعوب العربية في تلك المنطقة يرجع لأقدم من ذلك بكثير، وآخر من هاجر إلى هناك هم "بنو شيبان" من بكر بن وائل بعد حرب البسوس وكانوا تابعين للمناذرة، واليوم فمعظم عرب الرها هم من "عرب المحلمية" الشيبانيين وبعض عرب محافظة ديار بكر التركية والتي لا تزال تحتفظ باسمها القديم، ومن الغرب تواجد العرب في منطقة الأهواز، وعموما يغلب على مناطق جنوب ووسط الجزيرة الفراتية وجنوب الشام العنصر العربي فيما عدا المناطق الجبلية الساحلية وأقصى شمال الجزيرة الفراتية حيث يخالطهم فيها أقوام ساميون آخرون. ومن كبريات المدن العربية في الجزيرة الفراتية نصيبين وسنجار وتكريت والموصل.
وتعد شبه الجزيرة العربية -تسمى كذلك شبه القارة العربية- هي أكبر جزء من بلاد العرب، وتقسم كالتالي:
عند اليونان والرومان
* قسم جغرافيو اليونان الجزيرة العربية إلى ثلاثة أقاليم رئيسية وهي:
* العربية البترائية تقع شمال شرق الجزيرة بين جنوب الشام وشرق فلسطين وعاصمتها بصرى.
* العربية السعيدة تقع جنوب الجزيرة العربية في اليمن وأجزاء من عمان والسعودية.
* العربية الصحراوية تضم بقية شبه الجزيرة العربية خصوصًا نجد.
أما الساحل الشرقي للجزيرة العربية فليس جبليًا ولا صحراويًا ويتكون من سهول منبسطة قليلة التضاريس وينحدر حتى يصل إلى الخليج العربي.
عند المؤرخين المسلمين
* الحجاز:الجزء الغربي من شبه الجزيرة العربية.
* نجد:هضبة واسعة بوسط شبة الجزيرة العربية.
* البحرين:الجزء الشرقي من شبه الجزيرة العربية ويمتد من عمان إلى البصرة شمالاً.
* اليمن:الجنوب الغربي من شبه الجزيرة العربية ويمتد من ظفار جنوباً إلى عسير شمالاً بمعنى كل ماهو جنوب مكة فهو يرجع إلى اليمن.
* تهامة:السهل الساحلي المحاذي للبحر الأحمر.
شرق الجزيرة العربية
.
أهم الفترات التاريخية في شرق الجزيرة العربية:
* مستوطنة الصبية (5500 ق.م)
* فترة العبيد (5000-3800 ق.م): (عين قناص في الهفوف والدوسرية ورأس الزور وأبو خميس بالجبيل وبالقرب من الجزيرة الحمراء).
* فترة حفيت (3200-2600 ق.م)
* فترة أم النار (2600-2000 ق.م): (مستوطنة هيلي)
* فترة دلمون (2200-1600 ق.م)
* فترة وادي سوق (2000-1600 ق.م)
* العصر الحديدي (1250-300 ق.م)
* المدمن (غرب مدينة زبيد) 2500-1800 ق.م[11].
* شمال شرق الجزيرة العربية:
هجر
يرى العلماء أن "ريموم" الذي حكم البحرين في حوالي 1750 ق.م كان أصله وبحسب النقش من "[هـ]جرم"، التي هي مدينة "هجر" (الإحساء اليوم)[12]، تحدثت المؤلفات اليونانية عن مدينة ذات ثراء فاحش هي مدينة دعوها جرهاء، أدواتهم المنزلية من الذهب والفضة وجدرانها وسقوفها مرصعة بالأحجار الكريمة والعاج وموشاة بالذهب والفضة، تجارتهم برية وبحرية، البحرية تصل للهند والصين وفارس والبرية تنقل إلى سوريا وفلسطين والأردن (سلع) وتسير مراكبهم حتى تبلغ بابل ومن هناك تكمل الطريق في الفرات ثم يتم تحميلها في قوافل لتنتشر البضائع إلى كل ماطق البلد[13]، يرى بعض العلماء أن جرهاء هي النطق الهلنستي لـ"هجر"[14]. من حوالي 220 ق.م قامت مملكة في الأحساء عرف ملوكها ب"ملوك هجر" معلوماتنا عنهم هي ناتجة عن دراسة لعملاتهم التي نقشت عليها اسماؤهم بخط المسند وقد تحول بعض سكان شرق الجزيرة العربية إلى المسيحية وعين لهم أساقفة في أربع اسقفيات هي اسقفة هجر واسقفية دارين واسقفية سماهيج واسقفية مازون.
الترتيب
الحـــاكــم
فترة الحكم (ق.م)
1
ابياثا
220-200
2
غير معروف
200-190
3
حارثة
190-170
4
غير معروف (قد يكون تالبوش والد أبئيل)
170-160
5
ابئيل
160-140
دلمون
هي مملكة عاصمتها جزيرة البحرين وضمت جزيرة فيلكا وأجزاء من شرق الجزيرة العربية.
* جنوب شرق الجزيرة العربية:
* ازدهرت عدة مواقع في الساحل الجنوبي الشرقي من الجزيرة العربية منها ملوخا ومجان وكان لها نشاط تجاري بحري مع بلاد الرافدين، وقد تم اكتشاف عدة مستوطنات تعود لعصور قديمة منها مستوطنات: هيلي، الدور، تل ابرق، مليحة، مويلح، الرميلة[15].
* من مشاهير شرق الجزيرة العربية: اسحق النينوي
غرب الجزيرة العربية
عدل
ذكرت السجلات القديمة ازدهار واحات شمال غرب الجزيرة العربية لا سيما تيماء ودومة الجندل، ثم حكم المعينيون غرب الجزيرة العربية حكما تشاركيا مع أهلها، ثم حكم الديدانيون وبعدهم قامت مملكة لحيان:
أسماء وفترات حكم حكام لحيان
الترتيب
الإسم
ملاحظات
الحكم
لحيان الأولى
1
شهرو

320-305 ق.م
2
هنأس بن شهرو

305-290 ق.م
3
ماني بن لوذان

290-250 ق.م
4
هماتو جشمو بن لوذان

250-240 ق.م
5
تولمي الأول

240-225 ق.م
6
هنأس بن تولمي

225-215 ق.م
7
تولمي بن هنأس الثاني

215-190 ق.م
8
عبدان هنأس الثالث

190-180 ق.م
-
سيطرة المعينيين

180-120 ق.م
9
مسعودو

120-100 ق.م
-
سيطرة الأنباط

100 ق.م-109 م
لحيان الثانية (بعد سقوط الأنباط)
10
تيمي
11
تامني بن تيمي
12
تارتلو الملقب بـ " سكيوبس "
13
عبدنان
14
صلحان
15
فضج
16
عمدان
17
شهر بن عاسفان
18
عدنان، وهو آخر ملك حكم في حوالي 355م
* من مشاهير غرب الجزيرة "شمعون التيماني" أحد كتبة التلمود[16].
وسط وشمال الجزيرة العربية

قامت في جنوب نجد مملكة كندة ، وكذلك قامت في وسط وشمال الجزيرة العربية مملكة قيدار، وقيدار هو ابن إسماعيل، وامتد حكم القيداريين حتى فلسطين وسيناء.
قالب:ملوك شمال الجزيرة
* من مشاهير وسط وشمال الجزيرة العربية:حاتم الطائي.
جنوب الجزيرة العربية


*  
ذكر المؤرخون الكبار مثل ـ هيرودوتس وسترابو وبلينيوس ـ في آثارهم المدونة أن أرض العرب الجنوبية كانت من أعمر الأراضي في الدنيا. ولقد كانت هذه التربة الغنية بما حصل لها من وسائل الري الفنية سببا للرفاه والسعادة ورغد العيش. فلقد أقيمت السدود المحكمة القوية على جوانب القنوات والبحيرات للسيطرة على المياه وضبطها وتوجيهها. ومن ذلك خزان الماء الشهير الضخم الذي شيد في مساحة من الأرض مقدارها ثمانية عشر ميلاً مربعاً عرضاً، ومائة وعشرون قدماً عرضاً، يضاف إلى ذلك الأحواض والعيون والمنابع المنحدرة من رؤوس الجبال. فلقد نظمت مصباتها تنظيماً دقيقاً في قنوات زراعية مقدرة تقديراً كاملاً بحيث لا ينهدر من مياهها شيء. وقد كانت الخضرة والربيع والثمار متوفرة في كل فصول السنة حتى أن الأشجار المتدلية القطوف كانت تظلل بأغصانها وأوراقها رؤوس الفرسان وهم على ظهور خيولهم في محراب أخاذ فاتن من إخضرار البساتين الممتدة إلى الأفق.
الشام والجزيرة

تتواصل بلاد العرب من شبه الجزيرة العربية جنوبا وتستمر في الجزيرة الفراتية حتى حدود أنطاكيا شمالا، وكان يغلب على سكان الشام الأصول العربية، حافظ العرب على أسمائهم العربية وآلهتهم التي استعملوها في مواضع سكناهم، ومع ذلك فقد تأثروا باللغات الموجودة في تلك المنطقة حيث أتقنوا تلك اللغات إلى جانب اللغة العربية. تعد هذه المدن هي أمهات المدن العربية في الشام الرها، تدمر، الرستن، الجابية، الرصافة، وحمص التي حكمتها سلاسة "شمسيغرام" التي منها جوليا دومنا ويوليا ميزا اللاتي انجبن الأباطرة كاراكلا وغيتا ومنهم كذلك الإمبراطوران ايل جبل وألكسندر سيفيروس. في العصر الروماني تم ضم مملكة الأنباط تحت اسم المقاطعة العربية منها الإمبراطور فيليب العربي وضم مملكة الرها تحت مقاطعة الرها وضم بلاد اليطوريين تحت اسم مقاطعة يطور.
الترتيب
الحـــاكــم
فترة الحكم

الترتيب
الحـــاكــم
فترة الحكم

الترتيب
الحـــاكــم
فترة الحكم

الترتيب
الحـــاكــم
فترة الحكم
1
جفنة بن عمرو
220-265

2
عمرو بن جفنة
265-270

3
ثعلبة بن عمرو
270-287

4
الحارث بن ثعلبة
287-307
5
جبلة بن الحارث
307-317

6
الحارث بن جبلة
317-327

7
المنذر بن الحارث
327-330

8
الأيهم بن الحارث
327-330
9
المنذر الأصغر
327-340

10
النعمان بن الحارث
327-342

11
عمرو بن الحارث
330-356

12
جبلة بن الحارث
327-361
13
جفنة بن المنذر
361-391

14
النعمان بن المنذر
361-462

15
النعمان بن عمرو بن المنذر
391-418

16
جبلة بن النعمان
418-434
17
النعمان بن الأيهم
434-455

18
الحارث بن الأيهم, و...
434-456

19
النعمان بن الحارث
434-453

20
المنذر بن النعمان, مع...
453-472
21
عمرو بن النعمان
453-486

22
حجر بن النعمان
453-486

23
الحارث بن حجر
486-512

24
جبلة بن الحارث
512-529
25
الحارث بن جبلة
529-569

26
المنذر بن الحارث
569-581

27
أبو كرب النعمان بن الحارث
618-633

28
النعمان بن المنذر
582-583
29
الحارث بن الحارث
583

30
النعمان بن الحارث أبو كرب
583-?

31
الأيهم بن جبلة
 ?-614

32
المنذر بن جبلة
614-?
33
شراحيل بن جبلة
 ?-618

34
عمرو بن جبلة
618-628

35
جبلة بن الحارث
628-632

36
جبلة بن الايهم
632-638
* من مشاهير الشام:صفرونيوس.
العراق

حكمت العراق عدة ممالك عربية هي مملكة ميسان ومملكة الحضر ودولة المناذرة وجميعهم تابعين للإمبراطورية الفارسية
قائمة ملوك المناذرة:
الترتيب
الحـــاكــم
فترة الحكم
1
عمرو بن عدي
268 - 295
2
امرؤ القيس بن عمرو
295 - 328
3
عمرو بن امرؤ القيس
328 - 363
4
أوس بن قلام
363 - 368
5
امرؤ القيس بن عمرو
368 - 390
6
النعمان بن امرؤ القيس
390 - 418
7
المنذر بن النعمان
418 - 462
8
الأسود بن المنذر
462 - 490
9
المنذر بن المنذر
490 - 497
10
النعمان بن الأسود
497 - 503
11
أبو يعفر بن علقمة
503 - 507
12
امرؤ القيس بن النعمان
507 - 514
13
المنذر بن امرؤ القيس
514 - 554
14
عمرو بن المنذر, الملقب بالمحرق الثاني
554 - 569
15
قابوس بن المنذر
569 - 577
16
فـيـشـهـرت
577 - 578
17
المنذر بن المنذر
578 - 582
18
النعمان بن المنذر, الملقب بأبو قابوس
582 - 609
19
إياس بن قبيصة
609 - 618
20
زاديه
618 - 633
* من مشاهير العراق: مار يشوعياب الأرزوني.

الحالة الاجتماعية

كان النسب هو العامل الفصل في مكانة الفرد فمن ولد في عشيرة كثيرة الأنفس ومنها أعيان المدينة فهو "عزيز" و"منيع" في تعبير ذلك الزمن ويعني في المصطلحات الحديثة مواطن لدولة قوية، أما من كان من عشيرة صغيرة وليس لها أعيان متبعون وفيهم المشورة فهو "حر" وليس عزيزا فلا يتجرأ على من ينتمي إلى العشائر الأقوى وإلا تعرض لأشد العقوبات من تلك العشيرة ولاتستطيع عشيرته حمايته وإلا تعرضت هي الأخرى لما تكره، أما الأحلاف وهم بتعبير اليوم "الوافدون" فكانت مكانتهم أقل من الأحرار فهم إما خلعاء من عشائرهم الأصلية أو قدموا للإقامة لأسباب أخرى فكانوا يربطون أنفسهم مع من نزلوا عنده فكان بمنزلة "الكفيل" اليوم فكان يقال فلان مولى فلان، وهم في حماية أحد الأفراد في عشيرة تلك المدينة، أما العبيد فمكانتهم منحطة لا حقوق لهم ويتم استغلالهم للعمل في الأمور التي يأنف منها اصحاب النسب[17]. وحين يكبر المجتمع العربي فإنه يحتاج لنظام للمشورة وقد تجلى ذلك في:


مكانة المرأة

حديث بياض ورياض
تبين الغزل العفيف.
كان اهتمام العرب قبل الإسلام بالمرأة استثنائيا بين الأمم، فاهتموا بحفظ كرامتها وسترها، فكان للنساء خدر في المسكن ويوفر السجف وهو الساتر لهم الحرية والخصوصية وفي الخارج كانت النساء تلبس مايسترها وتركب في الهودج عند السفر لأن لا يطلع عليها الغرباء. كان من النساء قبل الإسلام الطبيبة كاشفاء بنت عمرو وسيدة الأعمال كخديجة بنت خويلد. ووصلت المرأة إلى مراتب عليا كما هو حال بلقيس ملكة سبأ، وزنوبيا ملكة تدمر، وزبيبة وشمسي ملكات قيدار، ومناصب كبيرة لا سيما عند الأنباط[18]. ولم يقتصر دورها في الحياة الاجتماعية بل وفي صلب الحياة السياسية، وحتى في مجال العلاقات القبلية، فكثيراً ما كانت النساء تشارك في حل النـزاع بين القبائل، أو تأجيج الخلافات وإشعال الحروب، كما فعلت البسوس في الحرب التي سميت على اسمها، وهند بنت عتبة في معركة أُحُد وعائشة بنت أبي بكر في موقعة الجمل، ولكن مشاركة المرأة السياسية عموما كانت من وراء ستار، الأمر الذي جعل مشاركتها هامشية حينا ومستترة أحيانا، أو غير مدونة ولم يأتي على ذكرها أحد، فالتي أسعفها الحظ وبرزت دخلت بوابة التاريخ وذُكرت في سجلاته، والتي لم يسعفها الحظ طواها النسيان . وقد سجلت لنا المصادر التاريخية نساء كثيرات بنَيْنَ لأنفسهن قصص نجاح مميزة، أو تميّزن بالشخصية القوية أو برجاحة العقل، فزرقاء اليمامة مثلاً كانت تستشرف بذكائها ما وراء الأفق، وجهيزة قطعت ببلاغتها قول كل خطيب، وخديجة بنت خويلد كانت تجارتها تعادل ثلث تجارة مكة بأكملها، وفيلة الانمارية كانت تاجرة مهمة تبيع وتشتري بنفسها، وخالدة بنت عبد مناف، وصحر بنت النعمان اشتهرتا بالحكمة والذكاء والكمال، وكانت العرب تتحاكم عندهن في المشاجرات والأنساب، وهنالك خولة بنت الأزور الفارسة الشجاعة، والخنساء الشاعرة المخضرمة .. وبالإجمال يمكن القول أن وضع المرأة لم يكن بالصورة السيئة التي يحاول البعض رسمها، ولم تكن شخصيتها مستلبة تماما، فمثلا كانت المرأة تتمتع بحرية اختيار زوجها، وأن تشترط على زوجها أن تملك أمرها ولا يتزوج عليها. وما تسمية بعض القبائل بأسماء الأمهات كمزينة وبجيلة وباهلة، إلا دليل على المكانة الرفيعة للمرأة في ذلك الزمان .
السجايا العربية>

*  مقالة مفصلة: أخلاق العرب قبل الإسلام
عرفت الأمم الأخرى عن العرب صفات كثيرة كانت هذه الفضائل والأخلاق الحميدة رصيدا ضخما في نفوس العرب، فجاء الإسلام فنماها وقواها، ووجهها وجهة الخير والحق، فلا عجب إذا كانوا انطلقوا من الصحاري كما تنطلق الملائكة الأطهار، فتحوا الأرض، وملئوها إيمانا بعد أن ملئت كفرا، وعدلا بعد أن ملئت جورا، وفضائل بعد أن عمتها الرذائل، وخيرا بعد أن طفحت شر[19].
هذه بعض أخلاق المجتمع الذي تنتشر فيه الفضيلة فبذلك يكون مؤهلا لحمل الرسالة الإسلامية، وإنما اختير من هذه البيئة البكر؛ لأن الأقوام الأخرى وإن كانوا على ما هم عليه وما هم فيه من فلسفة ومعارف، إلا أنهم لم يصلوا إلى ما وصل إليه العرب من سلامة الفطرة، وحرية الضمير، وسمو الروح[20].
* الذكاء والفطنة :
فقد كانت قلوبهم صافية، لم تدخلها تلك الفلسفات والأساطير والخرافات التي يصعب إزالتها، كما في الشعوب المجاورة، فكأن قلوبهم كانت تعد لحمل أعظم رسالة في الوجود وهي دعوة الإسلام الخالدة؛ ولهذا كانوا أحفظ شعب عرف في ذلك الزمن، وقد وجه الإسلام قريحة الحفظ والذكاء إلى حفظ الدين وحمايته، فكانت قواهم الفكرية، ومواهبهم الفطرية مذخورة فيهم، لم تستهلك في فلسفات خيالية، وجدال بيزنطي عقيم، ومذاهب كلامية معقدة[21] وكان من أمر فطنتهم أنهم يستخدمون الإشارة فضلا عن العبارة، وشواهد ذلك كثيرة[22].
* الكرم والسخاء:
كان هذا الخُلُق متأصلا في العرب، وكان الواحد منهم لا يكون عنده إلا فرسه، أو ناقته، فيأتيه الضيف، فيسارع إلى ذبحها، أو نحرها له، وكان بعضهم لا يكتفي بإطعام الإنسان بل كان يطعم الوحش، والطير، وكرم حاتم الطائي سارت به الركبان، وضربت به الأمثال[23].
* المروءة والنجدة :
كانوا يتمادحون بالموت قتلاً، ويتهاجون بالموت على الفراش قال أحدهم لما بلغه قتل أخيه: إن يقتل فقد قتل أبوه وأخوه وعمه، إنا والله لا نموت حتفًا، ولكن قطعًا بأطراف الرماح، وموتًا تحت ظلال السيوف:
وما مات منا سيد حتف أنفه

ولا طُلّ منا حيث كان قتيل
تسيل على حد الظباة نفوسنا

وليست على غير الظباة تسيل
وكان العرب لا يقدمون شيئا على العز وصيانة العرض، وحماية الحريم، واسترخصوا في سبيل ذلك نفوسهم قال عنترة العبسي :
بَكَرَت تخوفني الحُتوف كأنني

أصبحت عن غرض الحتوف بمعزلِ
فأجبتها إن المنية منهل

لا بد أن أُسْقى بكأس المنهلِ
فأقني حياءك لا أبا لك واعلمي

أني امرؤ سأموت إن لم أقتل[24]
وقال عنترة:
لا تسقني ماء الحياة بذلة

بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم

وجهنم بالعز أطيب منزل[22]
وكان العرب بفطرتهم أصحاب شهامة ومروءة، فكانوا يأبون أن ينتهز القوي الضعيف، أو العاجز، أو المرأة أو الشيخ، وكانوا إذا استنجد بهم أحد أنجدوه ويرون من النذالة التخلي عمن لجأ إليهم.
* عشقهم للحرية، وإباؤهم للضيم والذل :
كان العربي بفطرته يعشق الحرية، يحيا لها، ويموت من أجلها، فقد نشأ طليقًا لا سلطان لأحد عليه، ويأبى أن يعيش ذليلاً، أو يمس في شرفه وعرضه ولو كلفه ذلك حياته، فقد كانوا يأنفون من الذل ويأبون الضيم والاستصغار والاحتقار وتتكرر تلك القيمة مرارا في الشعر الجاهلي، ولاتجد شعوبا أخرى تتسلط عليهم وتحتلهم طوال تاريخهم، وأشاد هيرودوتس بحب العرب للحرية، وحفاظهم عليها ومقاومتهم لأية قوة تحاول استرقاقهم واستذلالهم[25].
* الوفاء والصدق :
أما وفاؤهم: فقد قال النعمان بن المنذر لكسرى في وفاء العرب: «وإن أحدهم يلحظ اللحظة ويومئ الإيماء فهي وَلث[26] وعقدة لا يحلها إلا خروج نفسه، وإن أحدهم يرفع عودًا من الأرض فيكون رهنًا بدينه فلا يُغلق رهنه ولا تخفر ذمته، وإن أحدهم ليبلغه أن رجلاً استجار به، وعسى أن يكون نائيا عن داره، فيصاب، فلا يرضى حتى يفنى تلك القبيلة التي أصابته، أو تفنى قبيلته لما أخفر من جواره، وأنه ليلجأ إليهم المجرم المحدث من غير معرفة ولا قرابة فتكون أنفسهم دون نفسه وأموالهم دون ماله»[27]. والوفاء خلق متأصل بالعرب، فجاء الإسلام ووجهه الوجهة السليمة، فغلظ على من آوى محدثًا مهما كانت منزلته وقرابته، قال رسول الله: «لعن الله من آوى محدثا»[28]. ومن القصص التي توضح شيمة الوفاء عندهم: «أن الحارث بن عباد قاد قبائل بكر لقتال تغلب وقائدهم المهلهل الذي قتل ولد الحارث، وقال: (بؤ بشسع نعل كليب) في حرب البسوس، فأسر الحارث مهلهلاً وهو لا يعرفه، فقال دلني على مهلهل بن ربيعة وأخلي عنك، فقال له: عليك العهد بذلك إن دللتك عليه، قال: نعم قال: فأنا هو، فجز ناصيته وتركه» وهذا وفاء نادر ورجولة تستحق الإكبار[29]. ومن وفائهم: أن النعمان بن المنذر خاف على نفسه من كسرى لما منعه من تزويج ابنته فأودع أسلحته وحرمه إلى هانئ بن مسعود الشيباني، ورحل إلى كسرى فبطش به، ثم أرسل إلى هانئ يطلب منه ودائع النعمان، فأبى، فسير إليه كسرى جيشًا لقتاله فجمع هانئ قومه آل بكر وخطب فيهم فقال: «يا معشر بكر، هالك معذور، خير من ناج فرور، إن الحذر لا ينجي من قدر، وإن الصبر من أسباب الظفر، المنية ولا الدنية، استقبال الموت خير من استدباره، الطعن في ثغر النحور، أكرم منه في الأعجاز والظهور، يا آل بكر قاتلوا فما للمنايا من بد»[30]، واستطاع بنو بكر أن يهزموا الفرس في موقعة ذي قار، بسبب هذا الرجل الذي احتقر حياة الصغار والمهانة، ولم يبال بالموت في سبيل الوفاء بالعهود.
* الصبر على المكاره وقوة الاحتمال، والرضا باليسير :
كانوا يقومون من الأكل ويقولون: البطنة تذهب الفطنة، ويعيبون الرجل الأكول الجشع، قال شاعرهم:
إذا مدت الأيدي إلى الزاد لم أكن

بأعجلهم إذا أجشع القوم أعجل[31]
وكانت لهم قدرة عجيبة على تحمل المكاره والصبر في الشدائد، وربما اكتسبوا ذلك من طبيعة بلادهم الصحراوية الجافة، قليلة الزرع والماء، فألفوا اقتحام الجبال الوعرة، والسير في حر الظهيرة، ولم يتأثروا بالحر ولا بالبرد، ولا وعورة الطريق، ولا بعد المسافة، ولا الجوع، ولا الظمأ، ولما دخلوا الإسلام ضربوا أمثلة رائعة في الصبر، والتحمل وكانوا يرضون باليسير، فكان الواحد منهم يسير الأيام مكتفيا بتمرات يقيم بها صلبه، وقطرات من ماء يرطب بها كبده[32].
* قوة البدن وعظمة النفس :
واشتهروا بقوة أجسادهم مع عظمة النفس وقوة الروح، وإذا اجتمعت البطولة النفسية إلى البطولة الجسمانية صنعتا العجائب، وهذا ما حدث بعد دخولهم في الإسلام. كما كانوا ينازلون أقرانهم وخصومهم، حتى إذا تمكنوا منهم عفوا عنهم وتركوهم، يأبون أن يجهزوا على الجرحى، وكانوا يرعون حقوق الجيرة، ولا سيما رعاية النساء والمحافظة على العرض قال شاعرهم:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي

حتى يواري جارتي مأواها
وكانوا إذا استجار أحد الناس بهم أجاروه، وربما ضحوا بالنفس والولد والمال في سبيل ذلك.

الحالة الثقافية

الديانة
.
في الفترة التي سبقت الإسلام كان معظم العرب قد فقدوا تعاليم أنبياء الله إليهم مثل: هود وصالح، كما ضعفت تعاليم الحنيفية دين أبيهم إبراهيم، وأصبحوا على الوثنية يعبدون الأصنام، وكانت منهم قلة دانت بالمسيحية، واليهودية، وقلة أخرى ضئيلة دانت بديانات الصابئة والحنيفية.
* الوثنية
*

*  مقالة مفصلة: ميثولوجيا عربية
كان في مكة 360 صنماً منثوراً حول الكعبة، حيث كان لكل قبيلة أو عشيرة عربية صنمها الخاص بها، وكان هناك أصنام مميزة كاللات والعزى ومناة وثلاثتها كن يعتبرن بنات الله، وأساف ونائلة وهما صنمان لهما أسطورتهما الخاصة بهما، وهناك أصنام أخرى ذكرها القرآن وكانت تحظى بمكانة خاصة عند العرب وهي ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسر

 وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا


، كما كان هناك كبير الآلهة هُبَل، وهو الموازي للإله الكنعاني بعل، وللإله اليوناني زيوس.
كانت الألوهية العليا في جاهلية العرب قبل الإسلام منوطة بالله وحده، وكانوا يبجلونه كقوة مسيطرة نافذة، ولكنه يستعين بشركاء له في تأدية مهماته المقدسة وهم الأصنام التي كانوا يتقربون إليها حسب حاجتهم لكل منها.


* الحنيفية


الحنيفية هي ملة إبراهيم وتصنف إلى جانب اليهودية والمسيحية كديانة سماوية، على الرغم من الخلاف حول وجودهم التاريخي بين بعض الباحثين.[33][34] كما يعتقد أن النبي محمداً نفسه كان حنيفياً قبل أن توحى إليه رسالة الإسلام.[35]

من تشهر الحنيفيين
. نزار بن معد امير مكة والجد الجامع للقبائل العدنانية
. عماره بن مالك طبيب وعالم ويلقب بالافعى الجرهمي
. نفيل بن عبدالغزى قاض من قضاة  مكة وهو جد الصحابي الجليل عمر بن الخطاب
. الحارث بن عباد اليشكري شاعر وحكيم من حكماء العرب وكان فارس لا يشق له غبار

* المسيحية
انتشرت المسيحية على نطاق واسع بين عرب الشام والعراق، ووجدت عدة أسقفيات على المذهب النسطوري في شرق الجزيرة العربية، وهي أسقفية هجر، وأسقفية سماهيج، وأسقفية عراد، وأسقفية مازون، أما في غرب الجزيرة العربية فقد كانت نجران مركز المسيحية هناك.[36]
من مشاهير المسيحيين العرب:
* رهبان القدس:
* ماريس[37]
* إلياس اسقف القدس ت.(518م)[38]
* صفرونيوس اسقف القدس ت. (11 مارس 638م)[39]
الأدب


*  مقالة مفصلة: أدب جاهلي
أشهر شعراء الجاهلية:
   •   الحارث بن عباد اليشكري
* عنترة بن شداد
* المهلهل بن ربيعة
* امرؤ القيس الكندي
* العروة بن الورد
* الخنساء
* أوس بن حجر
* الاعشى
* زهير بن أبي سلمى
* عمرو بن كلثوم
* الحارث بن حلزة اليشكري
* لبيد بن ربيعة العامري
* طرفة بن العبد
* عبيد بن الأبرص
* النابغة الذبياني
العلوم

.
بالرغم من عدم وجود مخطوطات علمية ترجع للعصور الجاهلية إلا أن هنالك مايدل على أنه كانت لديهم علوم متوارثة في مجالات مختلفة، في مجال الفلك الذي كان الجاهليون يدعونه "علم الأنوار"[40] عرفوا مواقع النجوم واستدلوا بها للاهتداء إلى مسالكهم في البر والبحر، ولهم معرفة في أوقات ظهور الكواكب حيث كانوا يعبدون بعض الكواكب لاسيما "الزهرة" التي تظهر في أوقات محددة والتي مثلوها بصنم هو "العزى"، في مجال الرياضيات يذكر أن فيثاغورس كان قد زار ضمن رحلته بلاد العرب ليتعلم من حكمة أهلها، كان العرب أمة تجارية ولاشك انهم استخدموا أنماط كثيرة من علوم الرياضيات ومنها الجبر، يقول الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني:
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت

إلى حمام سراع وارد الثمد
قالت : ألا ليتما هذا الحمام لنا

إلى حمامتنا مع نصفه فقد
فحسبوه فألفوه كما ذكرت

تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
فكملت مائة فيها حمامتها

وأسرعت حسبة في ذلك العدد
فتتكون لدينا معادلة جبرية:



في مجال الطب، برع في العصر الجاهلي بعض الأطباء منهم:
* ابن أبي رمثة التميمي
* الحارث بن كلدة
* النضر بن الحارث
* ضماد والشفاء بنت عمرو
* ابن حزيم
وفي مجال البيطرة:
* العاص بن وائل
ويعتبر يوم 27 سبتمبر في تقويم القديسين هو يوم صوم لذكرى استشهاد طبيبين من النصارى العرب هما "كوسماس" و"ديماس" عام 303م ذلك في فترة الاضطهاد الروماني للنصارى[41]، ويذكر التلمود أن اليهود كانوا يطلبون خبرة العرب في مجال الطب[42]. وفي مجال هندسة المياه نجد أنهم قد ابتكروا نظام القنوات المائية (الأفلاج) حوالي 1000 ق.م[43] وأقاموا السدود منذ وقت مبكر وأشهر تلك السدود هو سد مأرب الذي يغذي بشبكة قنواته حوالي 72 كم2[44]، وقد اكتشفت نماذج أولية من محركات هيدروليكية في معبد أوام[45].

الحالة الاقتصادية


*  مقالة مفصلة: التجارة العربية
اقتصاد الجزيرة العربية في ذلك الوقت كان يعتمد على شبكة التجارة العربية القديمة، وبالإضافة لذلك فهناك نشاطات اقتصادية متعددة منها الزراعة والتي ازدهرت في بعض المناطق بالرغم من عدم وجود أنهار دائمة في الجزيرة العربية، فاستعمل العرب قديما أنظمة السدود وقنوات الري خصوصا في اليمن وشرق الجزيرة العربية ووادي القرى شمال الحجاز والطائف التي تعتبر فرضة أهل مكة، وتلك المناطق انتجت اصنافا من الحبوب والفاكهة أما الزراعة في الأقسام الأخرى من الجزيرة العربية اعتمدت على زراعة نخيل التمر بشكل أساسي، اقتصاد مكة كان متينا حيث كانت مركزاً تجارياً ودينياً هاماً نظراً لمرور القوافل التجارية القادمة من الشمال والجنوب بها، وترجع أهميتها الدينية لوجود الكعبة المقدسة فيها، والتي يفد إليها الحجاج كل عام مما كان يساعد على الازدهار الاقتصادي كذلك.[46].
كانت قريش أهل تجارة قد أوسر سادتها من ورائها. فكانت عيرهم تنطلق صيفا الشام وفلسطين ومصر. وشتاء كانت هذه القوافل تتجه جنوبا لليمن. وكانت القوافل التجارية الكبرى تتجه غادية رائحة. فكانت تمر بأطراف شبه الجزيرة العربية علي ثلاثة محاور رئيسية. فكان هناك طريق القوافل الجنوبي الشمالي حيث كانت تقطعها من جدة بالحجاز إلي الشام وسيناء ومصر. والطريق الثاني يقع في أطراف شرق الجزيرة العربية متجها من الخليج العربي جنوب العراق ليصل لبلاد الرافدين شمالا، ليعرج منها للشام الي دمشق لتصل هذه القوافل لبلاد الشام وفلسطين . والطريق الثالث كان يقع بغرب الجزيرة العربية ويمر بحذاء ساحل البحر الأحمر. ويبدأ من اليمن عبر جدة, فالمدبنة ليتجه شمالا للشام والبتراء بالأردن. وهذه الرحلات الموسمية صيفا وشتاء ظل عليها العرب مبقين.

العمارة


*  مقالة مفصلة: عمارة جاهلية
تتسم العمارة عند العرب قبل الإسلام بالطابع الشخصي أكثر بكثير من الطابع الملكي المركزي، فتكثر البقايا العمرانية التي تعود لأفراد عاديين كبقايا البيوت في المستوطنات القديمة بينما تقل آثار الدول من معابد كبيرة ومسارح وغيرها بشكل واضح، بنيت معظم المساكن والمنشآت باللبن فوق أسس من الحجر، لذلك تم الكشف عن اسس العديد من المستوطنات، وكان فن العمارة قد ازدهر بشكل خاص في جنوب وشمال غرب الجزيرة العربية.

الفنون

الموسيقى والغناء
.
الأدوات المستخدمة:
1.الطنبور.
2.العود، أنواعه:
* المزهر وهو ذو تجويف جلدي.
* الكران.
* البربط (ويعني صدر البطة).
* الموتر.
3. الجنك وهو يشبه القانون.
4. المعزفة وهي نوع من أنواع القانون.
5.المربع وهو غالبا القيثار المربع ذو التجويف المنبسط.
الرسم والفسيفساء


عثر الباحثون على رسومات ومخربشات حجرية منذ زمن ما قبل التاريخ في عدة مواضع من شبه الجزيرة العربية; تعكس تلك الرسومات مشاهد صيد وقتال أو تصوير لأشجار وحيوانات. يذكر ان المناذرة كانوا يستخدمون الرسومات في قصورهم وفي كنائسهم في الحيرة، وبالرغم من هدم قصور الحيرة لاستخدام موادها من اخشاب وأعمدة وطابوق لإعمار الكوفة الإسلامية إلا ان الحفريات في بداية القرن العشرين كشفت عن أساسات جدران مطلية بالجص عليها رسومات نباتية، كما عثر على رسومات في قرية الفاو عاصمة كندة[47]، وفي البتراء وبصرى، وفي "قصر شقر الملكي" في شبوة[48]. أزدهر فن الفسيفساء في مملكة الأنباط واستمر ازدهاره حتى العصور المسيحية، وهناك عدد كبير من اللوحات الفسيفسائية صنعها سكان تلك المناطق لا سيما في أم الرصاص وجرش والنتل ومادبا، وهناك لوحات فسيفسائية ترجع لزمن الغساسنة منها فسيفساء كنيسة "سرجيوس" في النتل، يذكر الإخباريون وجود لوحات من الفسيفساء في كنائس المناذرة في الحيرة، لكن لم يبق منها أثر، أما في جنوب الجزيرة العربية ليس هناك إلا مثالين للوحات فسيفسائية بها أشكال هندسية وترجع لزمن القتبانيين.

الحالة السياسية


العلاقات البينية للممالك والشعوب العربية القديمة متعددة وتشتمل على العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية، في مجال العلاقات السياسية لممالك جنوب الجزيرة العربية نجد أن هذه الممالك تحاربت وتوحدت مرارا عبر التاريخ كما ارسلت بعثاتها فيما بينها وإلى العرب الشماليين، من ذلك حضور ممثلي مملكة سبأ تتويج العزيلط ملك مملكة حضرموت، ونجد أن العزيلط في وقت لاحق قد استقبل وفودا من تدمر ومن قريش، وكذلك قيام حرب بين قوات ملك كرب يعفر ملك حمير من طرف وقوات المنذر بن امرئ القيس ملك المناذرة والثائرين معه في الطرف آخر والتي حدثت في "مأسل الجمح" عام (516م)[49]، وللحميريين حملات أخرى في شبه الجزيرة العربية منها حملتهم (360م) على يبرين (شرق الجزيرة العربية) وجو (تسمى اليمامة الآن شمال شرق الجزيرة العربية) والخرج (وسط الجزيرة العربية) حيث اشتبك الحميريون من من ضمن من اشتبكوا معهم مع قبائل معروفة هي إياد ومعد وعبد القيس ومراد وكانت هزيمة القبيلتين الأخيرتين في "سيان" شمال شرق مكة بين أرض نزار وأرض غسان بحسب النقش[50]، ونجد زيارة أبو كرب اسعد لديار معد بمناسبة تنصيب مسؤولين لقبيلتهم[51]، ونجد نقش نفس الملكين في "مأسل" كذكرى لمرورهم في تلك الأراضي مصطحبين معهم أعيان دولتهم، وكذلك بعثة شمر يرعش إلى مالك ملك الأزد التي أكملت طريقها إلى المدائن وسلوقية.
قبيل الإسلام انهارت ثلاث دول عربية قديمة هي مملكة حمير (525 م) ومملكة الغساسنة (583 م) ومملكة المناذرة (609 م) وكانت كل واحدة منهم فيما سبق تؤلف دولة تحكم أراضيها وتمد سيطرتها على مناطق أخرى بواسطة قبائل تحكمها تلك الحكومات بشكل مباشر ويكون استتباع هذه القبائل هو بتبادل المصالح فتوفر الدول المال للقبائل للحفاظ على طرق شبكة التجارة العربية والتي كانت الشريان الأساسي لاقتصاد الجزيرة العربية من قطاع الطرق سواء بواسطة الصعاليك الخلعاء أو حتى بواسطة القبائل الأخرى والتي لم تكن تنظر لهذا العمل على أنه جريمة بل فخر[52][53] حيث يحصل قاطع الطريق على المال لأهله وعشيرته من قوم لاتربطه بهم صلة دم أو دين. وتشترك القبائل المحكومة من قبل تلك الدول مع هذه الدول في حروبها وفي المقابل توفر هذه الدولة الحماية للقبائل فتعلن الحرب على من يتهجم ويتحرش بهذه القبائل، فكان سقوط هذه الدول القوية قبيل قبيل البعثة إيذانا بحالة من عدم الاستقرار والحروب[54] بين تلك القبائل التي لاتجد غير العنف لفرض هيبتها حيث لو أحس الآخرون ضعفا استخفوا بها وهاجموها حيث ترسخت هذه المعطيات السياسية فيما بعد على شكل قيم متوارثة[55] فيقول الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى:
ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه

يهدم ومن لا يظلم الناس يظلم
طبيعة الحكم داخل مجتمعات كمكة هو النظام العشائري، حيث يتشارك أعيان تلك العشائر القوية في تلك المدينة بالحكم عبر النقاش، وفي حالة مكة فإن هناك مجلس هو دار الندوة يلتقي فيه الأعيان ويناقشون الأمور الداخلية مثل فض المنازعات بين الأفراد والأمور الخارجية مثل الحروب وعقد الأحلاف وتنظيم التجارة.

الجمعة، 11 نوفمبر 2016

طسم و جديس

كان طسم بن لوذ بن إرم بن سام بن نوح ، وجديس بن عامر بن أزهر بن سام ابني عم ، وكانت مساكنهم موضع اليمامة ، وكان اسمها حينئذ جوا ، وكانت من أخصب البلاد وأكثرها خيرا ، وكان ملكهم أيام ملوك الطوائف عمليق ، وكان ظالما قد تمادى في الظلم والغشم والسيرة الكثيرة القبح ، وإن امرأة من جديس يقال لها هزيلة طلقها زوجها وأراد أخذ ولدها منها فخاصمته إلى عمليق وقالت : أيها الملك حملته تسعا ، ووضعته دفعا ، وأرضعته شفعا ، حتى إذا تمت أوصاله ، ودنا فصاله ، أراد أن يأخذه مني كرها ، ويتركني بعده ورها . فقال زوجها : أيها الملك إنها أعطيت مهرها كاملا ، ولم أصب منها طائلا ، إلا وليدا خاملا ، فافعل ما كنت فاعلا . فأمر الملك بالغلام فصار في غلمانه ، وأن تباع المرأة وزوجها فيعطى الزوج خمس ثمنها وتعطى المرأة عشر ثمن زوجها ، فقالت هزيلة :


أتينا أخا طسم ليحكم بيننا فأنفذ حكما في هزيلة ظالما     لعمري لقد حكمت لا متورعا 
ولا كنت فيمن يبرم الحكم عالما     ندمت ولم أندم وأنى بعترتي 
وأصبح بعلي في الحكومة نادما


فلما سمع عمليق قولها ، أمر أن لا تزوج بكر من جديس وتهدى إلى زوجها حتى [ ص: 322 ] يفترعها ، فلقوا من ذلك بلاء وجهدا وذلا ، ولم يزل يفعل ذلك حتى زوجت الشموس ، وهي عفيرة بنت عباد أخت الأسود ، فلما أرادوا حملها إلى زوجها انطلقوا بها إلى عمليق لينالها قبله ، ومعها الفتيان ، فلما دخلت عليه افترعها وخلى سبيلها ، فخرجت إلى قومها في دمائها وقد شقت درعها من قبل ودبر والدم يبين وهي في أقبح منظر تقول :
لا أحد أذل من جديس     أهكذا يفعل بالعروس 
يرضى بذا يا قوم بعل حر     أهدى وقد أعطى وسيق المهر


وقالت أيضا لتحرض قومها :
أيجمل ما يؤتى إلى فتياتكم     وأنتم رجال فيكم عدد النمل 
وتصبح تمشي في الدماء عفيرة جهارا     وزفت في النساء إلى بعل 
ولو أننا كنا رجالا وكنتم     نساء لكنا لا نقر بذا الفعل 
فموتوا كراما أو أميتوا عدوكم     ودبوا لنار الحرب بالحطب الجزل 
وإلا فخلوا بطنها وتحملوا     إلى بلد قفر وموتوا من الهزل 
فللبين خير من مقام على الأذى     وللموت خير من مقام على الذل 
وإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه فكونوا     نساء لا تعاب من الكحل 


[ ص: 323 ] ودونكم طيب النساء فإنما خلقتم     لأثواب العروس وللغسل 
فبعدا وسحقا للذي ليس دافعا     ويختال يمشي بيننا مشية الفحل


فلما سمع أخوها الأسود قولها ، وكان سيدا مطاعا ، قال لقومه : يا معشر جديس إن هؤلاء القوم ليسوا بأعز منكم في داركم إلا بملك صاحبهم علينا وعليهم ، ولولا عجزنا لما كان له فضل علينا ، ولو امتنعنا لانتصفنا منه ، فأطيعوني فيما آمركم فإنه عز الدهر .

وقد حمي جديس لما سمعوا من قولها فقالوا : نطيعك ولكن القوم أكثر منا ! قال : فإني أصنع للملك طعاما وأدعوه وأهله إليه ، فإذا جاءوا يرفلون في الحلل أخذنا سيوفنا وقتلناهم . فقالوا : افعل . فصنع طعاما فأكثر وجعله بظاهر البلد ودفن هو وقومه سيوفهم في الرمل ودعا الملك وقومه ، فجاءوا يرفلون في حللهم ، فلما أخذوا مجالسهم ومدوا أيديهم يأكلون ، أخذت جديس سيوفهم من الرمل وقتلوهم وقتلوا ملكهم وقتلوا بعد ذلك السفلة .

ثم إن بقية طسم قصدوا حسان بن تبع ملك اليمن فاستنصروه ، فسار إلى اليمامة ، فلما كان منها على مسيرة ثلاث قال له بعضهم : إن لي أختا متزوجة من جديس يقال لها اليمامة تبصر الراكب من مسيرة ثلاث ، وإني أخاف أن تنذر القوم بك ، فمر أصحابك فليقطع كل رجل منهم شجرة فليجعلها أمامه .

فأمرهم حسان بذلك ، فنظرت اليمامة فأبصرتهم فقالت لجديس : لقد سارت إليكم حمير . قالوا : وما ترين ؟ قالت : أرى رجلا في شجرة معه كتف يتعرقها أو نعل يخصفها ، وكان كذلك ، فكذبوها ، فصبحهم حسان فأبادهم ، وأتي حسان باليمامة ففقأ عينها ، فإذا فيها عروق سود ، فقال : ما هذا ؟ قالت : حجر أسود كنت أكتحل به يقال له الإثمد ، وكانت أول من اكتحل به . وبهذه اليمامة سميت اليمامة ، وقد أكثر الشعراء ذكرها في أشعارهم .

ولما هلكت جديس هرب الأسود قاتل عمليق إلى جبلي طيء فأقام بهما ، ذلك قبل أن تنزلهما طيء ، وكانت طيء تنزل الجرف من اليمن ، وهو الآن لمراد وهمدان . وكان يأتي إلى طيء بعير أزمان الخريف عظيم السمن ويعود عنهم ، ولم يعلموا من أين يأتي ، ثم إنهم اتبعوه يسيرون بسيره حتى هبط بهم على أجأ وسلمى جبلي طيء ، وهما بقرب فيد ، فرأوا فيهما النخل والمراعي الكثيرة ورأوا الأسود بن عفار ، فقتلوه ، وأقامت طيء بالجبلين بعده ، فهم هناك إلى الآن ، وهذا أول مخرجهم إليهما .

الأحد، 6 نوفمبر 2016

وقعات العرب

أيام العرب
.
أيام العرب هي وقائع العرب قبل الإسلام، تناول الإخباريون والعامة أيام العرب من الناحية مكارم الأخلاق والملاحم والبطولات والنواحي الأدبية من شعر ونثر أكثر من كونها وثائق عسكرية.


المحاربون

التنشأة القتالية للأفراد تبدأ بولادة الصبي فمنهم من يعطون أسماء ذات هيبة ووقع في النفوس لردع العدو، ويتم تجهيز صندوق للمولود به "لامة الحرب" وهي لباس الحرب وعدة القتال من سيف ودرع ملبوس، عمامة الحرب تكون عادة حمراء أو سوداء[1]. ويتم تدريب الأبناء على الفروسية والرماية والمضاربة بالسلاح، ويتم زرع الحمية وقيم الإباء ورفض الذل. تعتبر القوة القبلية هي نواة الجيوش الجاهلية أفرادها هم أبناء المجتمع، فعلى كل راشد قادر على حمل السلاح القتال سواء من أبناء المدن أو البادية، ومن يثبت نفسه في الحروب ينال مكانة عالية وتقديرا في المجتمع ويعتبر "بطلا" وينال القابا تشريفية، وعادة ما يكون البطل فردا شجاعا ضخم البنية متمرس في القتال، ولو اجتمعت به كذلك القدرة الأدبية الشعرية حاز شهرة بين كل العرب.

الركبان

* الهجانة: هم راكبوا الهجن كما أن وضع الرماحين على الهجن يعتبر وضعا آمنا محصنا خصوصا في حالات الهجوم.
* الفرسان: يعد الحصان العربي الأفضل عالميا لصلابته ولياقته الاستثنائية في القفز والجري واهتم العرب بالخيل حتى جعلوا لها نسبا كنسب البشر، وألفوها حتى تفاهموا معها بالإشارة، ولم يكن اهتمامهم بشيء من الحيوان أشد من أهتمامهم بالخيل، وكان من تمرسهم فنون الفروسية أن الرجل منهم كان يركب على ظهر الحصان بقفزة واحدة ويميل من فرسه الذي يعدوا فيلتقط السلاح وغيرها من الأرض.
* أشهر الخيول[2]:
* العصا, لـجذيمة الأبرش
* داحس، لـقيس بن زهير
* الغبراء، لـحذيفة بن بدر
* الأبجر، لـعنترة بن شداد
* النعامة، للحارث بن عباد
* النحّام، للسليك بن السلكة
* اليحموم، للنعمان بن المنذر
* المشهر، للمهلهل بن ربيعة
* اللطيم، لـربيعة بن مكدم
* ناتل، لـربيعة بن مالك
* الشمطاء، لـدريد بن الصمة
* الوحيف، لـعامر بن الطفيل
* جزة، لـيزيد بن سنان
* الكاملة، لـعمرو بن معد يكرب
* نسيمة لعروة القزويني

القوات الآشورية تقاتل القيداريين. يتسلح الهجانة القيداريون بالرماح والقسي، والمشاة منهم بالسيوف القصيرة.

التشكيلة

التشكيلة الهجومية الحميرية (أعلى)، وتشكيلة وضع الدفاع (أسفل).
تتكون جيوش السبئيين والحميريين والمناذرة من كتائب منها قوات الملك من أهل مدنه ومملكته يتولاها قادته العسكريين وتضم أيضا كتائب من القبائل التابعة لتلك المملكة والتي تعترف بسلطانها عليها كما هو حال "معد" مع المناذرة و"مذحج" مع الحميريين وقد تضم عبيدا ومرتزقة في وقت الحاجة لهم. تتميز الجيوش العربية قبل الإسلام بأنها حروب ركبان، عمادها هم الفرسان وقد يشترك معهم الهجانة، وتقل أو تنعدم مشاركة المشاة في الحروب، فكانت حروبهم من نوع المسمى "الحروب الخاطفة".
* الرماح: من أشهرها الرماح الخطية.
* الحراب: تشبه الرماح لكنها أقصر ومخصصة للرمي.
* القسي: صنعوها من خشب "الشريان"[3] و"الشوحط" و"السدر" و"الحماط"، وقد استعمل الجاهليون -بالإضافة للقوس العادي- القوس الطويل[4]، والقوس المركب[5] الذي يحتمل أن العرب هم أول من استخدمه[6].
* المغفر: حلق يجعلها المقاتل على رأسه فتبلغ الدرع ثم تلبس البيضة فوقها فتستر العنق وما حوله من ضرب السيوف.
* السيوف: أجود أنواعها في الجاهلية اليمانية والمشرفية والقلعية والحارية.
* الفؤوس: منها الفأس الدلمونية حازت شهرة في العالم القديم[7].
* الخناجر: هي سكاكين عريضة حدها معقوف، والأدلة الأثرية في الجزيرة العربية تقول بظهورها في بداية الألفية الثالثة ق.م، ثم ظهور الرماح في نهاية تلك الألفية، وتبعهم ظهور السيوف في بداية أو منتصف الألفية الثانية ق.م[8].
* الدروع
* التروس
* النثرة: الدرع الحديدي الذي يلبس تحت الثياب في الحرب.
* الجوشن: درع من حديد مشبك يلبس فوق الثياب ويحمي الجهة الأمامية من الجسم.
* المقاليع: هي اداة بسيطة لرمي الحجارة، ذكر سترابون استخدامها عند العرب[9].

التكتيك
عدل
وهناك حروب تقوم على التكتيك العسكري والخدعة كـ"يوم طفخة" حيث دبر بنو يروع كمينا لقوات المناذرة التي كانت متجهة لديارهم، فتحصنوا على مدخل ضيق بين جبلين هو المنفذ الوحيد لبلادهم وعندما مرت به قوات المناذرة رموهم بالنبل وأرسلوا عليهم أنعامهم مما أحدث إرباكا في صفوف المناذرة استغل لمهاجمتهم ودحرهم وأسر القائد
ويكون للماء الفضل الأكبر في النصر وكسب الحرب. لما له من شأن خاص في البوادي. لذلك كان يحسب له سادات القبائل الذين يقودون قبائلهم في القتال والغزو حسابًا كبيرًا، فيحملون معهم مقادير كبيرة منه تكفيهم المدة التي يقدرونها للقتال، أو يحاولون استباق عدوهم إلى مواضع الماء للسيطرة عليها، فإذا جاء العدو حرم الماء واضطر إلى استهلاك ما يحمله منه وقد يؤدي نفاده إلى هزيمته وفراره.

الوقائع
عدل
الوقائع في الجاهلية هي أعمال قتالية وهي على عدة أنواع، وعلى أن النزاعات أمر لابد منه في كل الأمم ولكن غياب حكومة مركزية للعرب هو سبب رئيسي لحدوث هذه المعارك بهذه الكثرة، للحروب أسباب عديدة وعادة ما يتناسب الفعل العسكري مع المسبب له، هي:
* 1. النزال: يتم النزال ببروز أبطال الجانبين فردا فردا أو مثنى مثنى، والطرف الذي يهزم أبطاله أبطال الطرف الآخر هو المنتصر ولا يستدعي ذلك سقوط قتلى من الجانبين بل يكفي انسحاب أحدهم، وتكون أسباب هذا النوع من المعارك بسيطة كتوسع شجار بين أفراد من قبيلتين فيستنجد وينتخي كل فرد بعزوته وعشيرته أو يكون السبب هو الانتقام لإهانة أو مقتل أبناء إحدى القبيلتين على يد فرد من القبيلة الأخرى، ويتم الاكتفاء بنزال الأبطال في أغلب الحالات ولكن في حال رفض أحد الأطراف تقبل الهزيمة في النزال تتحول المعركة إلى أحد النوعين الآخرين من المعارك أو يتم تبادل الغارات.
* 2. المناوشات: هي تحرشات يقوم بها أفراد من الجيش المهاجم هدفها تخريب صفوف الجيش المقابل عبر إيقاع إصابات بجنوده أو استفزاز بعض المتصدين لمطاردة الفرد المهاجم فبالتالي تكوين ثغرات في الصفوف أو أن يستفز المتصدين فيبدؤن بالهجوم قبل الأوان على غير نظام; وذلك يصب في مصلحة المهاجم حيث يمكنه حينها بدء هجومه بتشكيلته المتراصة المنظمة فيهاجم شراذم جيش عدوه ويفتك بهم. وبالنسبة لكثير من الجيوش المهاجمة في الجاهلية فإن المناوشات -بحد ذاتها- تعتبر هدفا غير معلن ينسحب الجيش المهاجم بعدها بعد أن يكون قد أثبت موقفه وبين شجاعة مقاتليه، أو أن يكون المهاجم قد قتل أثناء المناوشات عددا من أعدائه بما يساوي من قتل منه في اعتداء سابق أو معركة سابقة مع نفس العدو، فيكون الثأر قد انتهى بذلك، ويكون قد حقق أهدافه بأقل الخسائر. بينما لا تكون المناوشات عند الجيوش الكبيرة التي عقدت عزمها على القتال سوى مرحلة سابقة للالتحام، ولا يعني ثبات العدو في صفوفه الكثير، لأن جيوش المهاجمة من هذا النوع لها «فرسان ثقيلة» التي تتقدم جيشه والتي تستطيع اختراق صفوف الجيش المدافع، وليس بيد المدافع سوى تشكيل حائط من الرماحين كي يحاولوا صد هذا النوع الخطير من الفرسان.....عزم عدم عزم المكان للدفاع....تختلف طبيعة المناوشات بحسب طبيعة .....الجيوش عند علم المدافعين بقرب وصول المهاجمين يقومون بتشكيل صفين على هيئة "هلال"، وهذه التشكيلة صعبة الاختراق لتلاصق صفي الدفاع، يحتوي الصف الثاني على الفتيان قليلي الخبرة والضعاف، حيث أن الخطر لوجودهم في ذلك الصف أقل وتكون فائدتهم هي لسد الفرج بين صفوف الصف الأول ومنع استغلال الثغرات في الصفوف والتشكيلة الهلالية تشكل خطرا على المهاجمين حيث يمكن للمدافع ان يحصرهم في الوسط ثم يطبق عليهم. وعند تقابل الجيشين الخصمين تكون أسنة الرماح معكوسة لا تتجه نحو الخصم تاركين المجال لتفاهم كبراء الجانبين، فإذا لم يكن هناك إلا الحرب تعصى (تعكس) أطراف أسنة الرماح نحو العدو، يقول زهير بن ابي سلمى:
وَمَنْ يَعْصِ أَطْرَافَ الزِّجَاجِ فَإِنَّهُ

مُطِيعُ العَوَالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْذَمِ
ويبدأ أبطال المهاجمين ب"الارتجاز" ثم يكر الأبطال على صفوف أعدائهم المدافعين وهي عملية استفزازية حتى لو يلحقوا اضرارا بالطرف الآخر ولو نجح استفزازهم فقد ينكسر صف المدافعين عبر مطاردتهم للأفراد المهاجمين وينتج عن ذلك تفرق صفوف المدافع مما يجعلهم في وضع حرج فتبدأ صفوف المهاجمين في التحرك للقضاء عليهم. ولو لم يتم استفزاز المدافع، واستطاع الثبات يكون قد نجح بالدفاع خصوصا إذا لم يقع أي قتلى من جانبه، كانت وصية أكثم بن صيفي عندما بلغ قومه أن مذحجاً وأحلافهم عازمون على غزوهم: (...الثبات أفضل من القوة، أهنأ الظفر كثرة الأسرى، وخير الغنيمة المال...)، من أسباب هذا النوع من المعارك هو للانتقام لمقتل أحد أفراد القبيلة على يد من القبيلة الأخرى ويعتبر قتلهم لعدد من المدافعين مساويا أو أكبر من قتلاهم هو انتصار لهم، أو حتى الرغبة في إجلاء المدافعين عن أرضهم.
* 3. الغارات: الغارات هي هجمات مباغته بنظام الكر والفر، ولا يشترط في الغارات وفي الغزو نظام معين فكانوا يتبعون طريقة المباغتة والهجوم من كل جانب يمكن الهجوم منه......، ويقال للمباغتة ولأخذ العدو بصورة مفاجئة: "بحض" في لغة المسند[10]. ويعبر عن الحملة، أي: عن الجماعة من الجيش تزحف على عدو بـ"برث" في المسند[11]. أما في حروب القبائل وغزو بعضها بعضًا، فتكون المباغتة هي الأساس في الحرب، وتقوم على مهاجمة العدو بغتة ومفاجأة وهو في عقر داره أو في الموضع المتجمع فيه. وتتوقف المباغتة على حساب القائد وعلى حنكته في تقديره موقف عدوه..... كما هناك غارات النهب وفيها يتم الهجوم على حين غرة وقد تنحصر بسرقة أنعام الطرف الآخر وقد يتم الهجوم كذلك على دياهم كذلك لسرقة ما خف وزنه وغلا ثمنه كالأموال وحلي النساء أو حتى غيرها، يقوم بهذا الضرب من الهجمات الصعاليك في الغالب إلا ان بعض القبائل قد تقبل عليه وبل قد يكون ذلك بشكل علني دون تخفي في حال استشعارهم ضعف وقلة حيلة الطرف الآخر وإمكانية نهبه بسهولة وبدون خسائر وعادة مايتم ذلك في وقت الفقر أو حتى لمجرد الطمع. ويعتبر ذلك عارا على المهاجمين ويعيرهم العرب بفعلهم، بل قد تكون هذه الفعلة الشنيعة مبررا لمن يريد مهاجمتهم في المستقبل. يتحدث أميانوس مرسيليانوس الذي عاش في القرن الرابع
* 4. الالتحام: وهذا الضرب من المعارك تكون أسبابه اعظم من غيره، ويعد بمثابة حرب حقيقية ويكون غالبا بين الدول الكبيرة كحروب السبئيين مع ممالك جنوب الجزيرة العربية الأخرى أو حروب الغساسنة والمناذرة أو حتى بين القبائل عندما تتطور الأمور وتكبر وتهدف تلك الحروب إلى احتلال جزء أو كل أراضي الطرف الآخر والقضاء عليه، وفي هذا النوع من الحروب يتم استخدام المشاة، ويتم استخدام كامل العدة العسكرية من سيوف وتروس ورماح ونبال، ويتم تنظيم تشكيلة الحربية; ترد لفظة "خمس" "خميس" في النقوش العربية الجنوبية بمعنى الجيش[12]، وترد في عربية القرآن الكريم كذلك; يقول علماء اللغة أن العرب سمت الجيش خميسًا وجمعها "خمس"؛ لأنه مكون من خمس فرق: المقدم والقلب والميمنة والميسرة والساقة[13]، وتسمى الميمنة والميسرة المجنبتان، مجنبة يمنى تهاجم أو تحمي الجانب الأيمن، ومجنبة يسرى تحارب وتدافع عن الجانب الأيسر من المحاربين. أما القلب، فيكون واجبه الهجوم أو الدفاع من وسط الجيش. وقد تقوم المجنبتان بالهجوم لتطويق العدو وحصره في دائرة، تضيق عليه. وفي معركة "يوم نخلة" من أيام الفجار، كان حرب بن أمية في القلب، وعبد الله بن جدعان وهشام بن المغيرة في المجنبتين[14]. وأعقد التشكيلات الحربية هي "التشكيلة الهجومية الحميرية" وتتركب من ثلاثة عشر فرقة بخلاف الكشافة....،. توضع أمام الجيش أو المحاربين مقدمة، تتقدم المقاتلين، يكون واجبها حماية القسم الأكبر من الجيش الذي يكون وراءها، وإرسال المعلومات عن العدو وإشغاله بالقتال إن وقع حتى يأتي المحاربون. ويقال للمقدمة: "مقدمت"، أي: "مقدمة" في السبئية[15]. ويدعى يتولى أمرها ويقودها: "قدم"[16]. ويقال لطليعة الجيش، وهي التي تتقدم الجيش، للقاء العدو وللوقوف على أمره وخبره "نذيرة الجيش"[17]. ويقال للقطعة من الجيش تمرّ قدّام الجيش الكبير "منسرت" "منسرة" في السبئية، ويراد بها "المنسر" في عربيتنا. ويتم وضع الرماحين في الصفوف الأولى من الجيش،،، ويكون عدد القتلى في هذا النوع ضخم، لاسيما إذا تعقب المنتصر فلول الجيش المنهزم.
والنوعان الأولان هما أكثر أنواع المعارك انتشارا في الجاهلية ويعتبران من "الحروب استعراضية" التي تهدف إلى إثبات القوة والردع، ولا يستلزمان سقوط عدد كبير من القتلى في الجانبين، وحتى هذان النوع من المعارك قد يتحول إلى إلى اشتباك مباشر وحروب إبادة خصوصا في حالة تعنت أحد الأطراف ورفضه الهزيمة أو إسراف الطرف المنتصر في القتل للجانب الآخر فيدخل الجانبين في حلقة لا منتهية من الثارات كما هو الحال في حرب بني أصفهان التي دامت سبعا و سبعين سنة ، حرب البسوس وداحس والغبراء اللتين استمرت كل منهما أربعين سنة.
حروب العرب قبل الإسلام
الحرب
المتحاربون
الأسباب / ملاحظات
النتيجة
العرب X العرب
البسوس
بكر/تغلب

الصلح
الفجار
قريش وكنانة/غطفان وهوازن

الصلح
طسم وجديس
طسم/جديس

إبادة جديس ثم طسم
داحس والغبراء
عبس/ذبيان

الصلح
يوم حليمة
المناذرة/الغساسنة
مقتل الملك المنذر بن ماء السماء (554)م، واستمرار التوتر.
انتصار الغساسنة

العرب X غير العرب
ذي قار
شيبان وبكر/الفرس الساسانيون
انتقاما لقتل النعمان بن المنذر، وحماية لعائلته.
انتصار العرب

شهرزور
الحضر/الفرس الساسانيون
محاولة ملك الفرس أردشير الأول احتلال الحضر في (232م).
انتصار العرب

حملة أذينة
تدمر/الفرس الساسانيون
انتقاما لهزيمة حلفائه الرومان، هزم جيش الفرس ثم حاصر عاصمتهم المدائن (266م).
انتصار العرب

ثورة زنوبيا
تدمر/الرومان
في المرحلة الأولى تكونت الإمبراطورية التدمرية، في المرحلة الثانية سقطت تدمر.
انتصار العرب

ثورة ماوية
تنوخ/الرومان
في المرحلة الأولى تم انتزاع عدد من المناطق من الرومان، وفي الثانية تم الصلح.
انتصار العرب

الجمعة، 4 نوفمبر 2016

معركة سلوت

تعتبر معركة سلوت مفخرة من مفاخر التاريخ العسكري العربي، وهو اول انتصار عربي على الفرس فهو في القرن الاول ميلادي قبل معركة ذي قار بـ400 عام وحسبنا أنها لم تقتصر على نحت أروع ملحمة في سجل تاريخ عمان فحسب، بل شكلت منعطفا هاما في مسار التاريخ العماني، ذلك أن النصر الذي تحقق في هذه المعركة الحاسمة أسفر عن تحرير عمان من الهيمنة الفارسية، وأعطى لهويتها العربية بعدا جديدا.

والورقة التالية لا تسعي إلى سرد تفاصيل أحداث هذه المعركة وجزئياتها لأنها معروفة ومتداولة في جل المراجع التاريخية التي تناولتها إسهاب، بل تهدف في المقام الأول إلى تحليل العوامل التي كانت وراء الانتصار الذي حققه الجنود العمانيون.

وعلى محك هذه الرؤية، ومن خلال تحليل كافة الوقائع والأحداث كما وردت في كتاب (تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان) للمؤرخ العماني الشيخ نور الدين السالمي الذي اعتمد على مختلف الروايات والنصوص الواردة في المصادر التاريخية العمانية[2]، يتبين أن مجموعة من العوامل تضافرت لتحقيق ذلك الانتصار المؤزر، يمكن حصرها فيما يلي:

1- القيادة الواعية والشجاعة

يجمع الدارسون على أن أسباب النصر في المعارك لا تعزى إلى التفوق في التسلح ووفرة العدة والعتاد فحسب - رغم ما لذلك من أثر في تحديد مصيرها - بل تعود كذلك إلى القيادة الواعية والشجاعة. ولا تعوزنا الأدلة المتعددة والمتنوعة للبرهنة على صحة هذه المقولة في التاريخ الإنساني: فكثيرة هي الحروب التي استطاعت الفئة الصغيرة أن تحقق الغلبة على الفئة الكبيرة، ويكفي التذكير في هذا الصدد بمعركة بدر الكبرى وغزوة الأ حزاب [3]وملحمة حطين[4] والقائمة تطول. ومعظم الانتصارات التي سجلها تاريخ الإنسانية تؤكد أهمية عنصر القيادة، فبقدر ما تكون هذه الأخيرة على وعي وادراك بخبايا الحروب، مع مسحة من الجرأة والشجاعة، بقدر ما كان ذلك صمام أمن من أية هزيمة محتملة. ولعل نموذج الرسول محمد وصلاح الدين الأيوبي في التاريخ الإسلامي وهانيبال والأسكندر المقدوني ونابليون وغيرهم من القادة العسكريين العظماء في التاريخ الأوروبي خير دليل على ما نذهب اليه.

من هذه القواعد والتجارب التاريخية، يمكن تفسير الانتصار الساحق الذي حققه الأزد العمانيون في معركة سلوت تحت قيادتهم الشجاعة المتمثلة في مالك بن فهم. ولا غرر فإن المصادر تجمع على بأسه وشجاعته حيث كان يتقدم الصفوف الأولى في الحروب بجرأة نادرة وبسالة ذكرها المؤرخون بإعجاب. وكدليل على ذلك تذكر الروايات المتواترة أنه قبل بدء معركة سلوت، تقدم اليه أربعة قادة من أكابر المرازبة والأساروة الفرس (ممن كان يعد الرجل منهم عن ألف رجـل) [5]. وطلبوا منه أن يتقدم اليهم للمبارزة واحدا تلو الأخر، فنهض اليهم بكل جرأة، وتمكن من حصد رؤوسهم جميعا الا الرابع الذي لم ينجه سوى الفرار بعد أن راعه هول قتل زملائه أمام بصره ليرتد مذعورا نحو صفوف الفرس.

وكان الأسلوب القتالي الذي اتبعه مالك بن فهم ينم عن تقنيات فريدة ومستوى عال من التدريب العسكري إذ كان على معرفة دقيقة بقواعد الطعان، وهو ما يفسر قول الشيخ السالمي ابان حديثه عن مواجهته للفارس الثاني من مرازبة الفرس الذين طلبوا منه المبارزة: (ثم حمل الفارس الثاني على مالك وضرب مالكا، فلم تصنع ضربته شيئا، فضربه مالك على مفرق رأسه).[6]، مما يدل على اتقانه لأسلوب الدفاع والهجوم فضلا عن ذلك كان مالك بن فهم يعرف كيف يمتص حماس العدو المهاجم عن طريق الحيلة والذكاء ليحول هجومه إلى اندحار، وهذا ما عبر عنه الشيخ السالمي أيضا ابان حديثه عن صراع مالك بن فهم مع حاكم الفرس - المرزبان - حين قال: (ثم ان المرزبان حمل على مالك بالسيف حملة الأسد الباسل، فراغ عنه مالك روغان الثعلب وعطف عليه بالسيف فضربه على مفرق رأسه). وكانت ضرباته من القوة والبأس ما جعل سيفه يخترق الدرع والبيضة التي كان يلبسها قادة الجيش الفارسي الذي واجههم عن طريق المبارزة الفردية. فعندما قاتل الفارس الثالث أفلح في ضربه على عاتقه فقسمه قسمين. بل انتهى السيف إلى الحصان الذي كان يركبه (فرمى به قطعتين) [7]وهذا تعبير يفسر مدى قوة ضربات مالك بن فهم ويعطي الدليل على شجاعته وبأسه.

وللدلالة على دور شجاعة مالك بن فهم في صنع انتصار معركة سلوت يكفي القول أن المبارزات الفردية التي سبقت المعركة والتي أظهرت فيها ضوربا من البسالة قد أرهبت العدو ومهدت لانتصار الأزد خاصة بعد انتصاره على المرزبان نفسه، فقد فت ذلك في عضد الفرس، في الوقت الذي رفع معنويات الجنود العمانيين، فانطلقوا يثخنون قتلا وأسرا في جنود الفرس ويطاردونهم يمينا وشمالا حتى اضطروا إلى الاستسلام، وهذا يدل على أن شجاعة القائد مالك بن فهم وجنوده كان لها أثر كبير في صنع هذا النصر[8].

2- التخطيط العسكري المحكم

لقد وعى مالك بن فهم وجنوده الأزد أن حربهم مع الفرس ليست حربا متكافئة، فلم يكن عددهم يتجاوز 8 آلاف مقاتل، بينما وصل عدد الجيش الفارسي إلى 30 أو 40 ألفا حسب اختلاف الروايات، فضلا عن تفوقهم في العدة والعتاد، ولعل هذا ما جعل الفرس يحتقرون مالكا وقومه، فقابلوا طلبه بمنحه أرضا من عمان ليستقر بها بكثير من المهانة والازدراء، بل قادتهم عجرفتهم واعتدادهم بالجيش والأموال إلى رفض أي صيغة من صيغ التعايش معه، لذلك كان على مالك بن فهم أن يعتمد على التخطيط المنظم والبحث عن أفضل الاستراتيجيات العسكرية رغم ضعف العتاد والقوة البشرية لذلك بدأ تنظيمه من خلال الخطوات التالية التي تضمن له الانتصار:

1- تأمين قاعدة عسكرية خلفية وحماية من لا يستطيعون المشاركة في الحرب:

فمنذ هجرته إلى أرض عمان، كان مالك بن فهم يدرك أن معركته مع الفرس أمر لا مفر منه، لذلك بمجرد نزوله في قلهات، بدأ في العمليات الأولية فترك النساء والأطفال والمؤونة في موضع قلهات بشط عمان، ولم يرد أن يزج بهم في هذه المعركة لان ذلك قد يشكل دافعا يشجع الفرس على الاستيلاء على غنائمهم وسبي نسائهم وعيالهم، بل فضل أن يجنبهم ويلات الحرب وترك معهم حامية تقوم بالسهر على أمنهم، وتكون قاعدة خلفية يمكن الرجوع إليها في حالة الهزيمة، وهذه خطوات وقائية تأمينية لا يتبناها إلا القادة المتمرسون في شؤون الحرب.

2 - اجراء التدابير والاستعدادات الأولية اللازمة:

أدرك مالك بن فهم - بحكم خبرته في شؤون الحرب - أن جنوده يحتاجون قبل بداية المعركة إلى قسط من الراحة، لذلك أقام بناحية الجوف مدة لم تحددها المصادر. ويغلب على الظن أنها دامت عدة أيام، بعيدا عن عيون الفرس بدليل أنهم بنوا خلال هذه المدة فلجا بأمر من قائدهم عرف باسم فلج مالك، ولا يمكن أن نتصور أن بناء الفلج استغرق مدة قصيرة. وبناء الفلج في حد ذاته يحمل مغزى عسكريا لا يدركه الا الراسخون في أمور الحرب، ذلك أن الجيش يحتاج إلى الماء مصدر الحياة، وتلك حقيقة لم تغب عن مالك بن فهم. ولا يخامرنا شك في أن توفير الماء والراحة للجنود الأزد قبل بداية المعركة ساهم بنصيب وافر في صنع الانتصار.

3- ملاءمة موقع المعركة:

لا جدال في أن الموقع يؤثر دوما على أحداث التاريخ. ومن هذا المنظور لا نتردد في القول بأن الموقع ساهم بدوره في انتصار الأزد العمانيين، فموضع سلوت الذي وقعت فيه المعركة عبارة عن صحراء والصحراء هي المكان الملائم الذي اعتاد العرب على خوض الحروب فيه، فطبيعتها القاسية كانت من الأمور المألوفة لدى الأزد، بينما كان هذا المجال من البيئة يعاكس الجيش الفارسي الذي اعتاد على المناطق الأقل حرارة، ولم تكن لديهم الخبرة في حروب البيئة الصحراوية، لذلك سرعان ما أخذ بهم التعب والإجهاد كل مأخذ وانهارت معنوياتهم، مما ساهم في هزيمتهم.

4- التنظيم والتعبئة في صفوف الجيش:

قبل بداية المعركة اهتم مالك بن فهم بتسليح جيشه وتجهيزه أحسن تجهيز وتمكينه من السيوف والخيول والدروع وأكمة الحديد والبيض والجواشن. وكلها أسلحة هجومية ودفاعية أيضا تحسبا لأي طاريء، بعيدا عن الغرور والثقة العمياء، وكان هو شخصيا يلبس غلالة حمراء وعمامة صفراء.. ثم بدأ بتوزيع الجنود إلى كتائب، في جعل لكل كتيبة راية. وأخذ يمر عليها واحدة تلو الأخرى ليضع اللمسات الأخيرة، وهذا يدل على حرصه الدقيق على نجاح التعبئة في صفوف الجيش. ورغم أن المرزبان كان هو الآخر يقوم بتعبئة جيشه بالنفخ في الأبواق والضرب على الطبول اذكاء لحماسهم، فإن ذلك لم يجد نفعا لانهيار معنوياتهم وعدم وضوح الهدف الذي يقاتلون من أجله، إذ كانوا محتلين لأرض ليست أرضهم، لذلك لم تفلح الطبول في إذكاء الحمية التي تشحذ الهمم، على عكس الجيش العماني الذي كان جمرة متقدة من شدة الحماس للذوذ عن وطنه وأرضه التي اغتصبها الفرس، فكانت معنوياتهم مرتفعة إلى أقصى الحدود.

5- رصد أخبار العدو:

من خلال تتبع روايات المعركة يبدو أن مالك بن فهم كان يراقب العدو عن كثب، ويقف على أخباره أولا بأول، وهذا ما نستشفه من خلال الخبر الذي بلغه عن تجمع جيوش المرزبان بصحراء سلوت. ورغم أن المصادر لا تفصح عن كيفية بلوغ الخبر اليه، فالراجح أنه بث العيون لتتبع أخبار العدو ومراقبة سكناته وحركاته، لذلك لم يتمكن الفرس من إحداث عنصر المباغتة في المعركة. فلو حدث ذلك لكان فيه خسارة لجنود الأزد، لكن مالكا تفطن لذلك مما جعله مهيأ للمعركة، بل أنه فاجأ هو بنفسه الجيش الفارسي وفرض عليه الحرب في صحراء سلوت بدل قلهات.

6- رفع الروح المعنوية وزرع روح الحماس في جند عمان:

يعتبر التشجيع على القتال ورفع معنويات الجيش من المناهج النفسية لكسب المعركة قديما وحديثا. ولم تغب هذه الحقيقة عن مالك بن فهم إذ استعمل كل ما يملك من الوسائل المتاحة لرفع معنويات جيشه وزرع الثقة في مقدراتهم القتالية. وفي هذا السياق استعمل سلاح العرب الفعال وهو الخطبة. ومعلوم أن الخطبة لها وقع مؤثر على نفسية الجنود، ناهيك عن دورها في ايقاظ الهمم وكسب الثقة.

ويورد المؤرخ السالمي نص الخطبة التي ألقاها مالك بن فهم على كل كتيبة من كتائب الأزد، ومما جاء فيها: (يا معشر الأزد أهل النجدة والحفاظ، حاموا عن أحسابكم وذبوا عن مآثر آبائكم وقاتلوا وناصحوا ملككم وسلطانكم، فإنكم إن انكسرتم وهزمتم اتبعتكم العجم في كافة جنودكم، فاختطفوكم واصطادوكم من كل حجر ومدر)[9].

والواضح من هذا المقطع من الخطبة، أن مالكا استهدف ايقاظ الهمم وترسيخ الثقة في نفسية جنوده وابراز إمكانياتهم القتالية الهائلة، وهو ما يتجلى في وصفه لهم بأنهم (أهل النجدة والحفاظ). كما وظف بمهارته وفطنته مسألة النسب العربي لاذكاء الحمية العربية من خلال تصوير الحرب بأنها معركة مصير بين عرب وعجم. وفي الوقت ذاته حذر من عواقب الهزيمة، فبين لمخاطبيه أن الفرس لن يرحموهم إذا ما انتصروا عليهم، ومن ثم لا يبقى لجنود الأزد العمانيين سوى خيارين لا ثالث لهما: إما النصر واما الاستشهاد، فكان ذلك حافزا لجنوده على المزيد من الاستبسال في المعركة.

7 - استعمال أساليب قتالية مبتكرة للقضاء على تفوق العدو العسكري:

كان عنصر القوة الضاربة في الجيش الفارسي يتجل في استخدام الفيلة في حروبهم بيد أن مالك بن فهم عرف كيف يغير هذه المعادلة ليجعل نتيجتها عكسية تماما، فقد ابتكر أسلوبا جديدا لمواجهة الفيلة يقضي بضرب خراطيمها بالسيوف ورشق عيونها بالنبال، مما أدى إلى تراجعها مذعورة إلى الخلف، وأثناء ارتدادها كانت تطأ على أجساد الجنود الفرس، فتحولت بسبب ذلك من أداة للهجوم في ميدان الأعداء إلى أداة فناء وموت محقق لهم حيث قتل الآلاف منهم وتحولوا بهذه الطريقة البشعة إلى أكوام من الجثث. وهذا الأسلوب نفسه سيستعمله العرب المسلمون - فيما بعد - في حرب القادسية الشهيرة.

8- سرعة اتخاذ القرار الناحج واستغلال الفرص ابان المعركة:

عرف مالك بن فهم الأوقات المناسبة التي كان يتخذ فيها القرار الجريء لسير المعركة كما عرف كيف يستغل الفرص الملائمة لكسب المز يد من النصر، فعندما رأى هيجان الفيلة وتراجعها. أصدر قراره باكتساح قلب الجيش الفارسي وتطويق باقي الأجنحة، مما جعل الذعر والهلع يدب في الجيش الفارسي والاضطراب يتفشى في صفوفه، فاستغل جيش الأزد تلك الفرصة لاكتساحهم فأثخنوا فيهم قتلا وتشريدا. وعندما نجح مالك بن فهم في قتل المرزبان - وهو القائد الأعلى للجيش الفارسي - لم يترك هذه الفرصة تضيع لأن قتله أدى إلى احباط كبير وانهيار في معنويات الجيش الفارسي، فوجه أمره الفوري بالقيام بهجوم كاسح (فقتل منهم خلق كثير)[10]، وهكذا يتبين أن اتخاذ القرار السريع وفي اللحظة المناسبة أسفر عن هزيمة الفرس في هذه المعركة.

9- طاعة الجند العمائي ومحبتهم لقائدهم:

في ليلة المعركة أخذ مالك بن فهم يتفقد الكتائب العسكرية ويوجه إليها الأوامر الواجب اتباعها خلال القتال، فأمر قائد كل كتيبة أن يبقى جنوده في مكان مناسب عينه له، كما وجه أمره إلى ابنيه هناءة لقيادة ميمنة الجيش وفراهيد لقيادة شماله، بينما تولى هو شخصيا قيادة القلب المتكون من أشد الجنود تمرسا في الحروب.

وكانت كل أوامره تتلقى بالسمع والطاعة من طرف جنوده لثقتهم في قائدهم وصحبتهم له، ولم نعثر على نصوص تؤكد مخالفة أي كتيبة لأوامره التي كان يقررها بدون تردد ويتحمل فيها كامل المسؤولية، وكان جيشه ينفذها حرفيا دون تلكؤ. ولعل هذه الطاعة والمحبة المتبادلة بين الجند والقائد، كلها عوامل ساهمت في خلق شروط النصر.

10- الصبر والثبات في القتال:

أعطى جنود الأزد خلال معركة سلوت مثالا صارخا في الصبر والثبات، فلم تثنهم عزيمة الحرية والانعتاق عن ترك أبنائهم ونسائهم في قلهات، وتحمل الصبر على فراقهم من أجل طرد الفرس من عمان. وابان المعركة أبانوا عن صبر وجلد قل نظيره، ولا غرر فقد كانوا يقاتلون طوال النهار دون توقف، ولم يكن يحل بينهم وبين مواصلة القتال سوى الليل، واستمروا على هذه الوتيرة ثلاثة أيام حتى انبلج النصر. ولولا ثباتهم وصبرهم في المعركة رغم شراستها، ووقوفهم وجها لوجه أمام جيش مدجج بالسلاح، لما أمكن تحقيق هذا المكسب العسكري الهام.

11- التشبث بقيم المروءة والشرف:

ان الجانب الأخلاقي في الحروب يبقى من الشيم العربية الأصيلة، ولا شك أن هزيمة الفرس واستسلامهم وطلبهم الهدنة ترجع إلى ما لاحظوه في جند عمان وقائده من مروءة وشرف وحفاظ على العهود والمواثيق. فمالك بن فهم لم يبدأ الحرب ضدهم الا بعد أن يئس من أي حل سلمي معهم وذلك عندما حدت بهم غطرستهم إلى الامتناع كليا عن منحه موطيء قدم في أرض عمان رغم شساعتها[11]. وقد انتظر الأزد مدة طويلة ليقفوا على جواب المرزبان، وكان بالإمكان أن ينفد صبرهم ويدقوا طبول الحرب عليهم، لكنهم فضلوا التعامل بمستوى أخلاقي حضاري يقوم على مبدأ السلم والمهادنة، غير أن رفض الفرس لأي حل مرض فرض عليهم الدخول في هذه المعركة التي لم تكن بالنسبة لهم غاية في حد ذاتها وانما وسيلة.

نفس الشيء، يقال عن تعامل مالك بن فهم مع الفرس، بعد أن كبدهم هزيمة نكراء، فقد كان بإمكانه أن يبدد شملهم ويستأصل شأفتهم ويمزقهم شر ممزق، لكن مروءته أملت عليه ضرورة الكف عن أبادته، بل ذهب إلى حد عقد معاهدة سلمية معهم رغم أن ميزان القوى العسكري كان في صالحه. ناهيك عن تميز الجند العماني بحفظ المواثيق والعهود إذ لم يدخر وسعا في احترام الهدنة المعقودة مع الفرس لولا أن هؤلاء بأمر من امبراطورهم دارا بن دارا بن بهمن تنكروا لهذه الاتفاقية وأعلنوا الحرب مجددا ضد الازد في ديارهم، مما أسفر عن تجدد الصراع الذي انتهى بنصر عسكري نهائي لأزد عمان.

والخلاصة أن الانتصار المحقق في معركة سلوت لم يكن - كما أثبت التحليل - وليد الصدفة أو الحظ، بل جاء في سياق خطة مدروسة واستراتيجية حربية بعيدة العمق، وقيادة واعية متمرسة بشؤون الحرب، فضلا عن شجاعة وبسالة وأخلاق حضارية تميز بها جنود عمان الأشاوس.